مع بداية كل فصل دراسي تبدأ الأسر في محاولة تهيئة أبنائهم من الطلاب والطالبات للعودة لكرسي المدرسة، وذلك بعد إجازة امتدت لثلاثة أشهر تقريباً، عرضتهم لاعتياد نمط معيشي يطغى عليه السهر والفوضى، سواء في التغذية أو الجلوس الطويل أمام شاشات التلفاز، خصوصاً وأن إجازة هذا العام تخللها شهر رمضان، والذي يشهد دائماً اختلافاً كبيراً في روتين الحياة، إضافةً لعيد الفطر، والذي ساهم في سفر الكثير من الأسر إلى خارج البلاد، أو إلى مناطق مختلفة، وذلك لحضور بعض الفعاليات الترفيهية، أو لقضاء أوقات سعيدة على الشواطئ والمتنزهات، وهو ما أدى لإرباك ما يعرف ب»الساعة البيولوجية»، سواء للطلبة أوالطالبات، أو حتى الموظفين.
ويتساءل الكثير عن معنى «الساعة البيولوجية» في الإنسان ودورها في تنظيم وظائفه، خصوصاً وهي المسؤولة عن استشعار التغيرات البيئية المحيطة بجسمه، نظراً لاستشعارها وشدة حساسيتها، ولتتنظم النوم والغذاء والسلوك.
وتعمل «الساعة البيولوجية» في جسم الإنسان طوال الأربعة والعشرين ساعة، للتأكد بأن الجسم يعمل بأدائه الوظيفي على أكمل وجه حسب الساعة والتوقيت المناسب لكل عضو، وهو ما يسبب صعوبة كبيرة في إعادة ضبطها بعد أن يعتاد الجسم على نمط «غير منتظم»، ما يجعله يحتاج لعدة أيام، في سبيل التأكد من انتظامها وعملها بالشكل المطلوب، ليحقق الفائدة للطلبة الذين يشكون في بداية أيام الدراسة من صعوبة النوم في الليل والتعب أثناء اليوم الدراسي، بعد معاناة للجلوس من النوم يرافقها ربما بعض الصداع.
وليس حال الموظفين بأفضل من حال الطلاب، حيث يلاحظ عند أول أيام بدء «الدوامات» كثرة تأخر الموظفين، إلى جانب حالة التشتت وعدم التركيز وتعكر المزاج لديهم، نظراً لقلة النوم واضطراب البرنامج اليومي قبل الدوام.
وأكد «عبدالله العلي» -موظف- على أن أول يومين بعد العودة من الإجازة يعدان الأصعب، نظراً لتعودهم على نمط معين يشهد الكثير من السهر وعدم الانتظام في النوم، ما يجعله يذهب للعمل في اليوم الأول بدون أن يأخذ قسطاً من الراحة والنوم، ليتسنى له النوم بعد الدوام إلى اليوم الآخر، في محاولة لضبط الساعة البيولوجية لتنتظم معه بأسرع وقت.
وذكر متخصصون واستشاريون تربويون أنه لا توجد طريقة مثالية أو أسلوب معين لتنظيم الساعة البيولوجية لدى الإنسان خلال يوم واحد، مشيرين إلى أن الأفضل هو البدء قبل أيام من العودة للدوام أو الدراسة، وذلك تجنباً لمفاجأة الجسم بنمط معيشي قد يسبب اضطراباً للجسد.
وأوضحت «نجوى الصادق» -أخصائية التغذية- أن طول فترة الإجازة التي تخللها شهر رمضان وما يترتب عليه من تغير في عادات التغذية والنوم، ساهم بشكل كبير في صعوبة ضبط الساعة البيولوجية لدى الأبناء والبنات إضافةً لأرباب الأسر أيضاً، وهو ما يؤدي لتغيير في «المنطقة الزمنية»، والتي تصيب الإنسان بعدم الشعور بالوقت، خصوصاً بعد أن اعتاد الجسم على النوم خلال النهار والسهر في الليل، محذرةً من اللجوء للأدوية والعقارات التي يروجها بعض الأقارب والأصدقاء على أنها تساعد في النوم؛ نظراً للأعراض السلبية الكثيرة التي قد ينتج عنها، مثل هذا الاستخدام الخاطئ، كعدم القدرة على النوم في المستقبل بدونها.
وشدد الاستشاري النفسي «محمد المنصور» على ضرورة التدرج في إعادة ضبط الساعة البيولوجية، من خلال البدء بشكل تدريجي بالنوم والاستيقاظ المبكر، ناصحاً الآباء والأمهات بفتح الستائر والسماح لأشعة الشمس بالدخول للغرفة قبل إيقاظ أبنائهم، حتى يتعرض الجسم للضوء؛ ولتتمكن أجسادهم من خفض مستوى «الميلاتونين» المعروفة بهرمون النوم في الدم، محملاً غياب الوعي لدى الكثير من الأسر مسؤولية الاختلال في عملية النوم والتغذية، والتي تشهدها العائلات سنوياً مع كل إجازة، من خلال غياب التخطيط الصحيح للاستفادة من الإجازة وعدم إضاعتها في السهر والنوم. [/center] منقول